- kader0381
- عدد الرسائل : 160
العمر : 42
نقاط : 27139
تاريخ التسجيل : 03/07/2009
من أمثال فضائل الأعمال في الحديث النبوي
الإثنين 14 سبتمبر 2009 - 17:02
من أمثال فضائل الأعمال في الحديث النبوي
النفس
البشرية تتطلع دائما إلى ما يحقق لها السعادة والنجاح , ويكفل لها الفوز
والفلاح, ويعود عليها بالنفع والمصلحة , وهي تخشى وتضيق من كل ما يجلب لها
الشقاء , ويعود عليها بالضرر والهم والحزن , ومن هنا كان الترغيب في بعض
الأعمال وذكر فضائلها , والترهيب من أعمال أخرى وذكر مساوئها , له أثره
البالغ في حث النفوس على الخير والفضيلة , وإبعادها عن الشر والرذيلة ،
ففي الترغيب تشويق للعمل , وحث على البذل , وحفز للهمة , وشحذ للعزيمة,
وفي الترهيب تخويف وردع , وتحذير من طول الأمل , ودفع إلى تطهير النفس من
الأرجاس ، من أجل ذلك ضرب النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأمثال في
أبواب فضائل الأعمال تحقيقا لهذا الغرض ، نذكر منها على سبيل المثال لا
الحصر ثلاثة نماذج :
الأول في بيان حثه عليه الصلاة والسلام على الصدقة والإنفاق في سبيل الله, و تحذيره من البخل والإمساك، وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جُبَّتان من حديد من ثُدَيِّهما إلى
تراقيهما , فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو ـ وفرت ـ على جلده حتى تخفىَ
بنانه وتعفوَ أثره , وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزِقت كل حلقة
مكانها , فهو يوسِّعها ولا تتسع ) رواه البخاري .
ففي
هذا الحديث ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً للبخيل والمتصدق حيث
شبههما برجلين أراد كل واحد منهما أن يلبس درعا ليستتر به من سلاح عدوه
, وهما الجُبَّتان أو الجُنَّتان كما في بعض الروايات , فأدخل كل واحد من
الرجلين درعه من جهة رأسه , وعالجها لتنزل على جسمه , والعادة في الدروع
أنها تلبس في الصدر , لتغطي المساحة بين ثدي الإنسان وترقوته , من أجل
كمال الوقاية والتحصن , فأما المنفق فهو كمن لبس درعا واسعة ساترة لجميع
بدنه ,فهي من الوسع بحيث يستطيع معها صاحبها أن يمد يده ويتحرك بكل سهولة
ويسر , وهي أيضاً من الطول والستر والحصانة بحيث تغطي جميع جلده وأطراف
أصابعه وتخفي كل آثاره , وأما البخيل فهو كمن لبس درعاً ضيقة جداً قد
استحكمت عليه حلقاتها , فلم تدع له مجالاً لكي يمد يده ويحركها بحريه
,ولايستطيع مع ذلك أن يوسعها أويتحكم فيها , ومقصود المثل أن الجواد
والمنفق إذا همّ بالصدقة انفسح لها صدره , وطابت بها نفسه , فتوسعت في
الإنفاق والبذل , بخلاف البخيل الذي كلما همّ بالصدقة شحت نفسه , فضاق
صدره , وانقبضت يداه , والحديث يشير أيضاً إلى أن الإنسان إذا عود نفسه
البذل والعطاء صار ذلك سجية له وعادة , وكذلك إذا عودها الشح والإمساك
اعتاد ذلك فلا يستطيع بعدها التخلص منه ,ولذلك قيد عليه الصلاة والسلام
هذا الدرع بكونه من حديد , إشارة إلى أن القبض والإمساك من جِبِلّة
الإنسان وفطرته مما يحتاج معه إلى مدافعة ومغالبة .
وأما النموذج
الثاني فهو ترغيبه عليه الصلاة السلام في الصلوات الخمس , وحثه على
المحافظة عليها , فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( أ رأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقي من
درنه شيء قالوا : لايبقى من درنه شيء قال : فذلك مَثَل الصلوات الخمس يمحو
الله بهن الخطايا ) متفق عليه .
ففي هذا الحديث شبه النبي صلى
الله عليه وسلم الصلوات الخمس في تطهيرها للمسلم من الذنوب بالنهر الجاري
في تنظيفه للبدن من الأوساخ , وبدأ المثل بهذا الاستفهام الذي يدل على
التأكيد والتقرير , فكما أنه لا يمكن أن يتصور وجود شيء من الأقذار
والأوساخ في بدن الإنسان وصاحبه يغتسل كل يوم خمس مرات , فكذلك لا يتصور
أن يبقى شيء من ذنوب العبد وخطاياه وهو يتطهر منها كل يوم خمس مرات بهذه
الصلوات المفروضات , ولذلك كان جواب الصحابة رضي الله عنهم يحمل معنى
التأكيد، فلم يكتف الصحابة بقولهم لا بل أعادوا اللفظ للتأكيد والمبالغة
في نفي الدرن ، وفي الحديث أيضا تمثيل للذنوب والمعاصي بأنها أقذار وأوساخ
يتدنس الإنسان بفعلها , ولذلك فهو يحتاج إلى أن يتطهر منها على الدوام .
والنموذج الثالث ترغيبه عليه الصلاة والسلام في الذكر , وبيان فضل الذاكر على غيره ، وذلك في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وفيه قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ) رواه البخاري .
فذكر
الله تعالى حياة القلب , وغذاء الروح , وهو يصل العبد بربه , ويوثق
الرابطة بينه وبين خالقه ، وهذه هي الحياة الحقيقية حياة القلوب والأرواح
, لا حياة الأجساد والأشباح ، والذي لا يذكر الله هو في الحقيقة ميت وإن
عاش بين الأحياء , كما قال الشاعر :
فنسيان ذكر الله موت قلوبهم وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور .
هذه بعض النماذج التي حث النبي صلى الله عليه وسلم فيها على أعمال معينة عن طريق ضرب الأمثال وغيرها كثير مما لم يذكر .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى